كيف يتشكل سعر الذهب

يعتبر الذهب أداة صرافة احترازية، يزيد الطلب عليها بين المستثمرين والمتداولين في أوقات الأزمات غير المستقرة، عندما يكون هناك احتياج لحماية الأموال من التذبذبات الحادة في أسعار الصرف، والتضخم، والهبوط العام في أسواق العالم، وسط حالة من عدم اليقين أو الخطر. لذا فإن الذهب لديه دور خاص يلعبه كأصل ملاذ آمن.

عندما أُلغي معيار الربط بالذهب في العالم، ارتفع سعر هذا المعدن الثمين فورًا لأكثر من 50 ضعفًا، ونتج هذا عن الاهتمام الشديد بالذهب في قطاعات التصنيع والمجوهرات والبنوك المركزية، التي بدأت في تكوين احتياطياتها، وأيضًا الأفراد الذين أظهروا اهتمامًا بالاستثمار في هذا المعدن. كان لعوامل النمو هذه تأثيرًا كبيرًا على تسعير الذهب.

بعد ذلك، عندما تضخمت الاحتياطيات الحكومية من المعادن، أصبحت العمليات الاقتصادية والسياسية العالمية داخلة في عملية التسعير. سنتكلم في هذا المقال عن تلك العوامل والعوامل الأخرى التي تؤثر على سعر الذهب.

المحتويات:

• المتوسط المرجح لسعر الذهب
• ما الذي يؤثر على تسعيرات الذهب
  • العرض والطلب
  • المعادن النفيسة الأخرى
  • أسعار الصرف
  • الحالة الاقتصادية
  • التضخم
  • أسعار الفائدة
  • الأزمات والكوارث
  • تسعيرات النفط والذهب
• كيف تعرف سعر الذهب
• الاستثمار في الذهب

كيف يظهر سعر الذهب

كما هو الحال مع أي كيان في السوق، يتشكل سعر الذهب عن طريق العرض والطلب، لذا يتغير تسعير الذهب في الوقت الحقيقي ويمكن لأي متداول أن يراقبه من وحدة التداول الطرفية. ومع هذا، لا تنس تثبيت لندن لسعر الذهب، الذي لا تزال البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تستخدم نسخة مطورة منه. يمكنك الاطلاع على تداول السلع.

يُعد تثبيت لندن لسعر الذهب نظامًا مطبق منذ عام 1919 لحساب قيمة الذهب بناءً على العرض والطلب وفق أكبر 5 شركات تعدين وتصنيع ذهب في جميع أنحاء العالم أولًا. ووفقاً لطلبات شرائها وعروضها اليومية لبيع الذهب الحقيقي، تَشكّل سعر توازن، وقد أصبح معيارًا لسعر المعدن النفيس لجميع المشاركين في السوق مرتين في اليوم؛ في الساعة 10:30 ص (التثبيت الصباحي) وفي الساعة 03:00 م (التثبيت المسائي) بتوقيت لندن.

ووفقًا للتقدم المحرز، تحول تثبيت لندن، حيث استبدل به مزادات أسعار الذهب التابعة لمؤسسة LBMA، التي تواصل تحديد سعر تقريبي للذهب بصورة يومية استنادًا إلى منصة ICE Benchmark Administration (IBA)، وتشارك الآن 13 شركة من شركات الذهب والصرافة الأجنبية في هذه العملية، على أساس التطبيقات التي يتم من خلالها تحقيق القيمة المتوازنة للمعدن، والذي تستخدمه العديد من الكيانات المالية في العالم، ومن بينها البنوك المركزية في أنحاء العالم المختلفة، كمقياس مرجعي.

العوامل التي تشكل سعر الذهب

ما الذي يشكل سعر الذهب؟ حيث إن السوق يأخذ كل شيء في الاعتبار، توجد بالتأكيد الكثير من هذه العوامل. وهي لا تأتي مستقلة أبدًا، وعادة ما تشكل سلسلة من الأحداث المتصلة التي تتمم، بل وتعزز بعضها بعضًا. ولذلك، ومن أجل إجراء تحليل فعال لسوق المعادن الثمينة، ينبغي أن تكون على دراية بجميع الأحداث المتنوعة في أي وقت معين وأن تقيمها. دعنا ننظر في العوامل الأساسية.

العرض والطلب

بطبيعة الحال تؤثر حزمة السوق التقليدية هذه على قيمة الذهب. ويتشكل سعر التوازن من جهات فاعلة كبيرة جداً، تشمل شركات تعدين الذهب والبنوك المركزية من جميع أنحاء العالم، وصناعة المجوهرات، وعمالقة التكنولوجيا الذين يشترون المعدن لإنتاج الآلات، بالإضافة إلى أكبر صناديق الاستثمار التي يراقبها المضاربون الصغار، مما يضيف مساهمتهم الصغيرة إلى تسعير الذهب.

للتنبؤ بسلوك مثل هؤلاء المشاركين في السوق، يتعين عليك أن يكون لديك معلومات داخلية من قطاعات المجال بأكملها، وهذا شيء لا يقدر على فعله المتداول العادي. ولهذا عادة ما يتداول مستثمرو القطاع الخاص من أحداث حدثت بالفعل وأصبحت أخبارها متاحة في الوسائط المالية. أما المضاربون فيستجيبون على الأرجح بصورة أكبر لزيادة حجم التداول في السوق وتحركات الذهب القوية باستخدام التحليل الفني. إلا أن معرفة ما يحدث في مجال المعادن الثمينة والشركات الكبرى المرتبطة بالذهب وصناعة المجوهرات أمر مفيد. وسيؤدي الاستقرار والنمو في هذه المساحات إلى زيادة سعر صرف الذهب، والعكس صحيح.

أسواق المعادن النفيسة

ليس الذهب المعدن الوحيد المطلوب في صناعة المجوهرات وقطاعات التصنيع والاستثمار. فالفضة والبلاتين والبلاديوم وغيرها لهم نفس المكانة. وقد أصبحت السبيكة الصفراء بطبيعة الحال المعيار الذي يركز عليه الجميع على مدار السنين، إلا أن أسعار البلاتين على سبيل المثال أصبحت الآن أكثر ارتفاعًا، وبسبب تطور التكنولوجيا المتقدمة، أصبح هناك أيضاً اهتمام كبير به.

لذا يتعين على متداول الذهب أن يستعرض تسعيرات المعادن النفيسة الأخرى دوريًا، وكذلك الأسواق والشركات المرتبطة بها، حيث إن الترابط القوي مع هذه الأصول كثيرًا ما ينعكس على قيمته.

ديناميكية أسعار الصرف

لقد خسرت المعادن وضعها كمال مادي منذ فترة طويلة، ولكنها لم تفقد صلتها بالأوراق النقدية والعملات التي يستخدمها الناس الآن في شرائها. لذا ليس من المفاجئ أن تؤثر تقلبات العملة أيضاً على تكلفة أوقية الذهب. ويعد الترابط بين الذهب والدولار الأميركي أكبر ترابط يمكن ملاحظته، لأن الحسابات الرئيسية للاستثمار والذهب المادي تُجرى بهذه العملة.

وبالتالي، إذا انخفض سعر الدولار في سوق الصرافة الأجنبية، ولم يفقد الذهب جاذبيته، فمن الطبيعي أن ترتفع تسعيرات المعدن. خاصة أن هذه الديناميكيات السعرية ستكون ظاهرة على الرسم البياني المقارن مع مؤشر الدولار.

اقتصاد البلدان المتطورة

دعنا ننتقل إلى العوامل الاقتصادية أو الأساسية، والتي تقود الأسواق بنسبة 99% في واقع الأمر، لهذا السبب ينبغي أن نفهمها عند تداول المعادن الثمينة. يشكل الاستقرار الاقتصادي للبلدان المتقدمة بوجه عام اتجاهات في جميع الأسواق المالية. ولذلك، لن يكون مفاجئًا أن تتجاوب تسعيرات الذهب لإحصاءات الاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة والمنطقة الأوروبية وبريطانيا العظمى والصين وغيرها من البلدان المؤثرة.

العلاقة بسيطة: فكلما كان الوضع الاقتصادي في العالم أفضل، ارتفعت مخاطر المستثمرين ــ حيث يكونوا على استعداد لاستثمار أغلب رأس مالهم في الأوراق المالية والعملة والسلع والإنتاج إذا لم يشعروا بمخاطر الأزمات واحتمالية خسارة الاستثمارات. وإذا كان الوضع العالمي صعبًا، أو كانت الاقتصادات في هبوط، أو الأسوأ من هذا، أن كانت تحاول الهروب من الإفلاس، يقل الطلب على الأدوات المحفوفة بالمخاطر، ويتدفق رأس المال نحو الأصول الاحترازية، وفي مقدمتها الذهب.

لذا إذا كانت هناك أزمة وكانت البنوك المركزية تضخ السيولة في الاقتصادات لإنعاشها، ينمو سعر الذهب بنشاط وثقة ولكن في حدود معقولة بطبيعة الحال.

معدل التضخم

استمرارًا مع هذا الموضوع، سنناقش أثر التضخم على تسعير الذهب.

والتضخم هو اللحظة التي تنخفض فيها القدرة الشرائية للنقود مع زيادة حادة متزامنة في أسعار السلع والخدمات. بعبارة بسيطة، هو عملية انخفاض قيمة المال، حيث تشتري سلعًا أقل بنفس المبلغ.

ومن المنطقي أن نفترض أن سعر صرف الذهب يزيد مع التضخم، وتفسير هذا هو أنك سوف تحتاج إلى دفع المزيد من المال الذي تنخفض قيمته لشراء نفس سبيكة الذهب. ولكن دعنا لا ننسى أن السوق يأخذ كل شيء في الاعتبار. حيث يشكل نمو التضخم في حالة الاستقرار العالمي مرحلة نمو، وهذا مؤشر يؤدي إلى تشديد البنوك المركزية سياستها النقدية. ويعبر عن ذلك عادة بزيادة أسعار الفائدة، ونتيجة لهذا يزيد اهتمام المستثمرين بالاستراتيجيات التداولية الأكثر خطورة. لا يخبئ أحد أمواله، مما يعني الذهب سيفقد جاذبيته وستنخفض قيمته.

وإذا أصبح التضخم مفرطاً، ولا يمكن السيطرة عليه بطريقة يؤدي إلى أزمة، فسيرتفع الطلب عليه، وسترتفع الأسعار.

السياسة المالية

تملك الدول العديد من أدوات السياسة النقدية. ولكن أهمها بطبيعة الحال هو أسعار الفائدة التي تحددها البنوك المركزية في كل بلد. وكلما زادت النسبة المئوية، زاد العائد على السندات الحكومية والودائع وغيرها من الأوراق المالية الحكومية وخدمات الاستثمار، مما يزيد نسبة الفائدة إلى المخاطرة ويخفض تكلفة أوقية الذهب. بنفس الطريقة تميل التسعيرات المعدنية إلى النمو في الوضع المعاكس.

بالإضافة إلى ذلك، يشكل تشديد السياسة النقدية مرحلة من مراحل التعافي والنمو عندما يكون اقتصاد البلد قويا. وكما ذكرنا أعلاه، فإن اهتمام المستثمرين في لحظات كهذه ينصب على مضاعفة الاستثمارات وليس على الحفاظ عليها. وبالتالي، يقل طلبهم على الذهب.

الأزمات الطبيعية والسياسية

تزعزع أي صدمات سياسية أو طبيعية حادة استقرار القطاعات الإنتاجية والزراعية والاقتصاد ككل. ويخسر السكان فرص كسب المال، ويتكبدون الخسائر. ويتعين على السلطات أن تنفق الأموال لإصلاح الدمار، وكثيرا ما ينشأ عدم استقرار سياسي. ويؤدي كل ذلك إلى انخفاض حاد في قيمة العملة الوطنية والأوراق المالية والأصول. وتصبح تلك العوامل خطرا قويا وتؤدي إلى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج من خلال المستثمرين الأجانب، بل والمستثمرين المحليين أيضًا. يحاول الناس تأمين أصولهم وشراء الذهب. ولهذا فإن أي موقف سياسي أو طبيعي صعب سيؤثر بشكل إيجابي على تسعيرات الذهب.

النفط والذهب

لا يزال بعض خبراء سوق الذهب يتذكرون حين كان الارتباط بين تكلفة الأوقية وبرميل النفط نحو 80%.. لكن إذا كنت مهتمًا بالتحليل، سيكون من الواضح لديك أنه لم تكن هناك علاقة مباشرة بينهما. يُتداول النفط والذهب بالدولار الأمريكي، ولهذا السبب كان سلوكهما في السوق متشابهاً إلى هذه الدرجة.

لقد تغير الوضع بظهور النفط الصخري الذي بدأ في أن يكافح بنشاط من أجل المشاركة في السوق والتوزيع. ولم تعد الولايات المتحدة الأمريكية المستورد الرئيسي للنفط، وانخفض تأثير الدولار على تكلفة البرميل. بعد ذلك، انخفض الارتباط بين المعادن النفيسة والذهب الأسود.

الأكثر من هذا، وعلى نحو متصل بالوباء، أصبح النفط أصل محفوف بالمخاطر بشكل متزايد، في الوقت الذي تزداد فيه قوة الذهب كأصل احترازي، لذلك أصبح الارتباط بينهما معكوسًا، حيث يقابل انخفاض سعر صرف الذهب زيادة في أسعار نفط برنت.

من أين يمكنك معرفة سعر الذهب

لم يكن سعر الذهب سراً منذ زمن طويل. واليوم، يمكن لأي شخص أن يرى الرسم البياني لأسعار المعدن النفيس، وأن يقيمه بطرق متعددة بسيطة:

• يمكنك البحث على الإنترنت عن "سعر الذهب اليوم" أو "الرسم البياني لسعر الذهب".
• على الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي: تطبيق "Quotes" صار الآن مدمج في كل هاتف ذكي.
• من الأخبار الاقتصادية الصباحية، حيث تظهر الأسعار الحالية للأصول المطلوبة، ومنها الذهب، بشكل دوري.
• في العديد من المواقع الإلكترونية التي تبث التسعيرات والرسومات البيانية للذهب على الإنترنت.
• في الوحدة الطرفية لوسيطك التداولي.

يجب ملاحظة أن وسائط الإعلام والتلفزيون عادة ما تبث المتوسط المرجح لسعر المعدن. إذا كنت بحاجة لتقييم ديناميكية سعر الذهب، يتعين عليك استخدام برنامج أو تطبيق خاص.

كيف تستثمر في الذهب

إذًا، بعد أن عرفت سعر الذهب، تهتم بالاستثمار فيه. فكيف يمكنك فعل هذا؟ هناك العديد من الطرق، ولن يكون أكثرها ربحًا هو الذي فكرت به أولًا دائمًا.

• شراء سبيكة ذهب حقيقي خيار جيد، ولكن عليك أن تأخذ في اعتبارك تكاليف التخزين والعمولات وأخذ العينات في وقت البيع ومخاطر التنفيذ اللاحق.
• المجوهرات - بالإضافة إلى تكلفة الذهب نفسه، يدخل في سعرها تكلفة العمل وأرباح الوسطاء وضرائب المبيعات.
• أسهم تعدين الذهب ليست ذهبًا، ولكنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا به، مع إمكانية الحصول على عائد إضافي من توزيعات الأرباح.
• تعد أسهم وحدة صناديق استثمار تستثمر في الذهب والأصول ذات الصلة خيارًا جيدًا عندما ترغب في ألا تفكر بنفسك، ولكن يتعين عليك اختيار الصندوق المناسب لك.
• العقود مقابل الفروقات على الذهب - تتبع تمامًا سعر المعدن الثمين، ويمكنك استخدام خدمات هامش الوسيط.

إذًا، وكما كان الحال منذ سنوات عديدة مضت، يشكل الذهب اليوم جزءًا لا ينفصل من عملية السوق. لذا فإن هناك العديد من العوامل التي تشكل قيمة المعدن النفيس، اقتصادية وسياسية وطبيعية وبورصة الأسهم. من المستحيل أن تأخذ خبرًا منفصلًا وتعتمد عليه وحده. فالأهم من ذلك هو أن تكون واعيًا بالأحداث الرئيسية، وأن تفهم قوة تأثيرها على أسعار الذهب وأن تستخدمها بفعالية في تداولك.